السبت، 16 نوفمبر 2013

عن بحيرات النفط اليمني غير المستكشفة

هذه هي آخر خريطة علمية معتمدة ومُحدّثة لدى وزارة النفط والمعادن بمناطق ومساحة الأحواض الرسوبية في اليمن. يوجد في اليمن 13 حوضاً رسوبياً إلا أن إنتاج النفط الخام يقتصر حتى الآن على حوضين رسوبين فحسب هما حوضا حضرموت/ ومأرب شبوة).
بعبارة أخرى: إن إنتاج النفط في اليمن ينحصر، حتى الآن على 12 قطاعاً نفطياً فقط، من أصل 100 قطاع نفطي تتوزع على مساحة 21.957 كم2، أي ما يُمثل 4% من إجمالي المساحة الكلية للخارطة النفطية في اليمن. فيما تجري على  مساحة 12% من الخارطة النفطية أعمال التنقيب حالياً أما الجزء الأكبر  بـ83% من الخارطة النفطية لليمن فانها لم تمس قط، وما تزال معروضة أمام الشركات العالمية التي تحجم عن الاستثمار  في اليمن لأسباب عدة أهمها غياب الأمن والفساد وفرض شركاء بالباطن، على الرغم من وثوقية الدراسات المثبتة وجود احتياطات نفطية مؤكدة.
الملفت في خارطة اليمن النفطية أن أكبر حوضين رسوبين ما يزالان حتى الآن بعيدان عن الأعمال الاستكشافية ومدرجان ضمن القطاعات المفتوحة، وليس القطاعات الاستكشافية أو الإنتاجية. أي القطاعات المعروضة للمناقصة. وأقصد تحديدا حوض "جنوب الربع الخالي" على امتداد صحراء حضرموت
مروراً بمعظم مناطق الجوف وبعض أطراف صعدة. لكن؛ من سيأتي للاستثمار بصعدة وفيها السيد وحرب دماج؟ وأي شركة هذه التي ستنقّب عن النفط في الجوف لتجد نفسها مجبرةَ على مشاركة هذا الشيخ، وحماية ذاك الشيخ! ثم أليس مقلقاً أيضاً نشاط القاعدة المتزايد في حضرموت؟

الحوض الرسوبي الآخر بحري على امتداد الساحل ما بين حوض المكلا سيئون الرسوبي مروراً بالمياه الاقليمية قبالة وحول جزيرة سقطرى. تلك الجزيرة التي تحظى باهتمام عالمي متزايد والتي تمكنت الحكومة اليمنية، بعد جهود حثيثة دبلوماسيا، عام 2009 م من الحصول على موافقة الأمين العام للأمم المتحدة بمد الرصيف القاري
لليمن حتى جزيرة سقطرى، لكون عدد كبير من الدراسات الجيولوجية تؤكد وجود مخزون نفطي هائل للغاية ليس فقط حول وقبالة جزيرة سقطرى، وإنما بدءً من شمال الصومال مرورابخليج عدن أبين الذين لهما نفس التراكيب الجيولوجية، التي تتطابق مع الأحواض المنتجة  للوقود الأحفوري في اليمن ممثلة باحواض مأرب ـ هجر وسيؤون" حسبما ذكر الخبير الدولي توماس إي كونور" كبير مهندسي البترول في البنك الدولي، الذي رأس فريق خبراء أعد دراسة معمقة حول النفط توصلت إلى وجوده بشكل مؤكد بالساحل الصومالي المطل على خليج عدن شمالًا.


الضالع وتهامة أيضاً منطقتان نفطيتان واعدتان ومحتملتان للإنتاج النفطي. بل إن هناك قراراً جمهورياً صدر في 4أغسطس برقم (7) لسنة 1993 بالموافقة على اتفاقية المشاركة في الإنتاج المبرمة مع شركة "يمن ما يفير بتروليوم كوربويشن" في القطاع رقم (22) بمنطقة الزيدية تهامه. ثم عدلت الاتفاقية في البرلمان اليمني وصدر بها قانون بتاريخ 31/12/1997م، ثم توقفت هكذا فجأة الأعمال الاستكشافية في تهامة لأسباب غير معلومة.

عدا ذلك الحكومة اليمنية بحاجة إلى إجراء المزيد من الدراسات الجيولوجية، من خلال استخدام تقنيات التصوير الاهتزازي المتطورة، والمكلفة بما يفوق إمكانات الحكومة اليمنية نوعاً ما، ومما قد يزعج إحدى دول الجوار.
لقد صُدمت وأدركت بعض أسباب سوء حظ اليمن، عند قراءتي لدراسة علمية لشركة أديسون، تشير بشكل عرضي إلى أن أعمال الاستكشافات البترولية بدأت في الصومال منذ عام 1912، حين تم الإبلاغ عن رشح نفطي، متسرب من صخور في منطقة طاقاح شبيل على بعد 38كيلومترًا إلى الجنوب الشرقي من مدينة بربرة. بل إن شركة ستاندرد فاكيوم الامريكية، المنبثقة عن شراكة بين شركتي موبيل وإسسو قامت عام 1959 بحفر ثلاثة آبار جافة طاقاح شيل واحد، وإثنين، وثلاثة. وفي عام1980 قامت شركة جيكو GECO بأعمال تخمين ومسح زلزالي بحري مكثف في خليج عدن لصالح الحكومة الصومالية وفي ذات العام منحت الامتيازات على مساحة واسعة من منطقة جوبن لتكتل مكون من شركتي نفط إحداهما شركة كوينتانا والثانية شركة هنت، وقد قامتا الشركتان ببرنامج استكشاف تفصيلي، تضمن مسحًا جويًا مغناطيسيًا، وبرنامجًا للمسح الزلزالي على قطاعات برية ثم، وعلى الرغم من كل ذلك، وبسبب اللاستقرار، قررتا التخلي عن الامتياز النفطي الممنوح لهما.

وازداد التركيز على أعمال الاستكشاف منتصف الثمانينات ومنحت شركة شل امتيازًا بحريًا، شمل معظم الخط الساحلي لخليج عدن لكنها تخلت عن الإمتياز بعد الفشل في بئري (Bandar Harshau-1 and Dab Qua-1) والذين حفرا في النطاق M-10 في مياه بلغ عمقها 300 متر، لتنسحب نهائيا سنة 1984 على الرغم من وجود دلائل قوية على وجود النفط.

والآن انظروا أيها اليمنيون إلى الصومال وما فعلته بهم الحرب؟ وما الذي كانوا ليكونوا إليه اليوم لو استمرت الأعمال الاستكشافية وتدفق النفط؟ وقد يقول وعنده حق: انظر إلى نيجيريا!

نفس الشيء في اليمن: لقد نفذت شركة نفط العراق (التابعة لبريطانيا وقتها) بعض الأعمال الجيولوجية والجيوفيزيائية في محافظتي حضرموت والمهرة عام 1938م. كما قامت شركة براكلا وديلمان الألمانية بالأعمال الإستكشافية في المنطقة الغربية لتهامة (الصليف والبحر الأحمر) 1952م من دون تحقيق نتائج ملموسة، ثم تلتها شركة ديل مان برجبو التي منحت عام1953 امتياز التنقيب عن النفط في اليمن الشمالي لمدة 20 عاماً غير أن الإمام الذي كان موسوسا قرر استبعادها عام 1955م لأسباب غير مقنعة، أعقبها تأسيس شركة التنمية اليمنية" التابعة لشركة تكساس الأمريكية الكبرى، التي حصلت على مساحة 40 ألف كيلو متر مربع للتنقيب عن النفط، غير إنها هي التي قررت وقف أعمال التنقيب وغادرت البلاد، لتحل محلها شركة أمريكان فرسيس إنفستمنت التي عملت على التنقيب عن النفط، منذ منتصف الخمسينات، حتى قيام ثورة 26 سبتمبر 1962. الثورة التي أطاحت بالنظام الامامي المتخلف لكنها حولت البلد ودون ارادة منها، إلى حلبة صراع إقليمي فعاشت اليمن عقدين من اللاستقرار والصراعات السياسية والمواجهات المسلحة، مما تسبب في تأخير استكشاف النفط عقدين إضافيين.

ومن المؤكد أن استمرار اللاستقرار السياسي، والحروب المتفرقة أو المذهبية كحرب دماج الحاصلة اليوم، سوف يضيع أيضاً على اليمن فرص استكشاف 11 حوضاً رسوبياً وأكثر من 53 قطاعاً نفطياً بكراً، ما تزال كبريات الشركات النفطية تخشى الاستثمار فيه.

الصومال واليمن وإن بدرجة أقل، بلدان عاثرا الحظ ومنكوبان بنخبهما السياسية المنحطة والغارقة في قذارت الفساد والأنانية والحروب.


يتبع

ليست هناك تعليقات:

Disqus for TH3 PROFessional